شريط الأخبار

السبت، 18 فبراير 2012

سوريا: المتمردون يجدون موطئ قدم لهم في دمشق


لم اكن اصدق ان اضغط هناالجيش السوري الحر، الذي شكلته مجموعات من المنشقين عن الجيش النظامي، ينشط في ضواحي العاصمة دمشق قبل ان اراه بأم عيني.

كان ذلك في قرية الزبداني، التي لا تبعد عن دمشق باكثر من نصف ساعة بالسيارة.
فعند وصولنا الى القرية، وقفنا عند نقطة للتفتيش تبين انها عائدة للجيش الحر. وقد دعانا الجنود الى تناول التمر والحلويات، واخبرونا انهم يقومون بحماية جنازة لاحد قتلى المواجهات مع قوات نظام الرئيس بشار الاسد.
كنا متوجهين الى الزبداني بصحبة مسؤول من وزارة الاعلام السورية الذي ساعدنا في اجتياز الطوق الامني الذي كان الجيش يفرضه حول البلدة.
عند وصولنا، علمنا ان الطرفين، الجيش النظامي والجيش الحر، قد توصلا الى هدنة، وهي المرة الاولى التي يعترف فيها نظام الاسد بصراحة بقوة وتأثير الجيش الحر المكون من هاربين ومنشقين عن قواته.
كان يصعب على ان اصدق ان سلطة النظام قد انهارت في الزبداني، حتى عندما اقترب منا رجل قال إنه ناشط معارض وتبرع بأن يوصلنا الى مقاتلي الجيش الحر.
فقد اعتقدت ان الرجل هو مخبر من مخبري اجهزة الامن يحاول ان يخدعنا، فلم اكن اعرف حينئذ ان الجيش قد انسحب فعلا من الزبداني.
وقال لنا مرافقنا الحكومي لاحقا إنه شعر بالذعر عندما شاهد المتمردين عن كثب، ولكنه اخفى هذه المشاعر ببراعة بحيث ظننت لاول وهلة انه ينفذ خطة تهدف الى تشويه سمعة بي بي سي وتغطيتها للاحداث في سوريا.
ولكني كنت مخطئا. فالامر كان حقيقة، والجيش السوري الحر كان فعلا يحتل مواقع لا تبعد عن القصر الجمهوري في دمشق الا بثلاثين دقيقة بالسيارة.
ومنذ ذلك الحين، شاهدت عناصر هذا الجيش مرات عديدة وباعداد لا بأس بها داخل دمشق نفسها، وشاهدت الناس العاديين يعاملونهم كابطال عند ظهورهم بينهم.
لا اعلم متى بدأ ظهور عناصر الجيش الحر في العلن واقامة الحواجز ومرابض الرمي في دمشق، ولكن حسب علمي بدأ ذلك في الاسبوع او الاسبوعين الاخيرين.

تقهقر

استغرق موضوع استصدار تأشيرة لدخول سوريا لعشرة ايام عشرة شهور. ورغم ظني اني كنت اعرف هذا البلد معرفة جيدة - حيث زرته مرات عدة واجريت مقابلتين مع الرئيس الاسد - كانت هذه الرحلة الاخيرة مليئة بالمفاجئات.
ورغم الصعوبات التي واجهتنا في تغطية الاحداث بشكل حر، لم يكن هذا الامر مستحيلا. خلاصة القول، اني تمكنت من تكوين فكرة جيدة عما يدور في سوريا بعد هذه الزيارة التي استغرقت عشرة ايام.
اول الامور التي استوعبتها ان الصراع ليس صراعا بين نظام الرئيس الاسد وبقية الشعب السوري. فما زال للاسد الكثير من المؤيدين.
ورغم ان هذا التأييد آخذ بالاضمحلال بفعل انهار الدم التي تراق، فما زال بوسع الرئيس الاسد الاعتماد على معظم طائفته العلوية اضافة الى العديد من المسيحيين والدروز وبعض الاكراد - اي حوالي 40 في المئة من سكان سوريا.
فالعلويون يدعمونه لانه علوي مثلهم، اما الآخرون، فيعتقدون انه يحافظ على حقوق الاقليات عكس المعارضة السنية والجيش الحر.
واتضح لي ايضا ان نظام الرئيس الاسد آخذ بالتقهقر في العاصمة دمشق ومحيطها، وخصوصا في الاحياء السنية الفقيرة التي اصبحت حاضنات للجيش الحر.
ورغم ان الجيش الحر لا يشكل تهديدا حقيقيا لجيش النظام بعد، فإن قوته في تنامي مستمر، وقد يصبح ندا للقوات الحكومية يوما ما.

ايام صعبة

ينظر طرفا المعادلة في سوريا الى الصراع الدائر على انه صراع حتى الموت ومعركة كسر عظم لا يمكن ان ينتصر فيها الا طرف واحد.
وانه من الخطورة بمكان ان تتشتت سوريا على اساس طائفي، والسوريون يعرفون ذلك حيث ان جارهم الصغير لبنان مر بحرب كهذه كادت ان تقضي عليه.
لم تبلغ سوريا هذا الوضع بعد، ولكنها سائرة على الطريق. فحمص، التي تعتبر بؤرة الثورة في الشمال، مشلولة تماما واصابها دمار كبير. اما درعا التي اشعلت فتيل الثورة في الجنوب، فتبدو وكأنها محتلة من قبل جيش غاز.
وهناك اسئلة لا اقوى على الاجابة عليها. بكم من القوة الاحتياطية يحتفظ النظام؟ هل يواجه الاسد انقلابا (ربما من احد الضباط العلويين الذين يخافون على مصير طائفتهم)؟ هل ستتدخل القوى الاجنبية كما فعلت في ليبيا؟
لا استطيع ان ارى كيف سيتمكن النظام من البقاء بوجه انتفاضة يشارك فيها اناس برهنوا على انهم لا يخشون التظاهر رغم علمهم بأنهم سيقتلون. ولكن الامر الذي انا متأكد منه ان النظام لن يمضي دون قتال.
فالجميع الذين تكلمت معهم في سوريا واثقون من انهم لم يروا بعد اصعب الايام.
bbc

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Design Blog, Make Online Money