شريط الأخبار

الأحد، 1 يناير 2012

التحرير على قلب رجل واحد فى الكريسماس.. مسيرة الشموع "القبطية" تنير الوحدة وتطفئ "الفتنة"


يظل ميدان التحرير رمزًا للوحدة المصرية، وشاهدًا على امتزاج الدماء المسلمة والمسيحية، وراوياً لحكايات التآلف والتلاحم بين المصريين باختلاف عقائدهم وأطيافهم، وجاءت ليلة رأس السنة الميلادية الأولى بعد الثورة لتؤكد على هذا المعنى، وتوطد مقولة أن النبت الذى خرج من هذه الأرض الطاهرة لن يفرقه دعاة الفتن، ومروجو الفرقة.

كانت احتفالية التحرير فى ليلة الكريسماس مثالا على الامتزاج بين المصريين، دون تفرقة أو اختلاف، فالجميع حضر ليشارك فى تأبين الشهداء، وليؤكد أن الشعب المصرى لم ولن ينسى شهداءه الأبرار الذين بذلوا أرواحهم فداء لحرية الوطن.

التحرير قلب واحد رغم الاختلاف 

رغم الاختلاف الذى حدث مؤخرًا على أرض ميدان التحرير، وانقسام المعتصمين به بين مصابى الثورة، والمستقلين، وبعض الحركات الشبابية والثورية، أو حتى الباعة الجائلين، إلا أن ليلة رأس السنة أزالت هذه الخلافات والاختلافات، وظهر الميدان مرتدياً ثوب الوحدة، وامتزج الجميع فى التفاعل مع إحداث الليلة فى تناغم كبير دحر كل بذور الخلاف، وكان الميدان كما كان دائمًا رمزًا للوحدة الوطنية المصرية.

بعيداً عن السياسة..منصة "جميلة" لتأبين الشهداء

منذ الساعة 7 ليلا .. بدأت الاحتفالية التى دعت إليها الإعلامية جميلة إسماعيل، للاحتفال برأس السنة، وتأبين شهداء كنيسة القديسين بالإسكندرية، واستهلت المنصة الاحتفال بعرض صور الشهداء، مع موسيقى حزينة خلبت لب الموجودين فتفاعلوا مع العرض، وسط تصفيق، ودعاء بالرحمة للشهداء، والتأكيد على مواصلة الكفاح لتحقيق ما دفعوا أرواحهم ثمنًا له وهو الحرية والخبز والعدالة الاجتماعية، حتى تتحق الثورة المصرية بالكامل، وشاركت جميلة إسماعيل عشرات الشباب فى وقفة بالشموع والملابس السوداء بميدان طلعت حرب، كأول احتفال شعبى بـ"ليلة رأس السنة" ينقل إلى كافة دول العالم، ثم حضرت إلى الميدان واعتلت المنصة وألقت بدأتها بدقيقة حداد على أرواح شهداء ثورة 25 يناير، مؤكدة أنه لولا الشهداء ما كانت مصر نجحت فى ثورتها، وما كان ميدان التحرير ساحة للتظاهرات والاعتصامات والاحتفاليات، مشيرة إلى أن الشعب المصرى لن ينسى شهداءه حتى ولو بعد مرور قرن من الزمان.

وأضافت جميلة، أن الاحتفالية يميزها أنها جاءت خالية تماماً من أى كلمات فى السياسة أو تمثيل لأى قوى سياسية، وفى عشر دقائق رصدت جميلة إسماعيل عام 2011 ومعركة الشعب مع النظام التى انتهت برحيل جميع رموزه، ثم استعرضت سلسلة الاحتجاجات التى جاءت ضد المجلس العسكرى، ومنها أحداث ماسبيرو، ومحمد محمود، وشارع مجلس الوزراء، ثم ميدان التحرير مرة ثانية، معبرة عن ذلك بترديد هتاف "قول متخافشى المجلس لازم يمشى"، مؤكدة على أن أى نظام طاغى ومستبد لابد وأن يغادر البلاد.

الأبنودى .. وضحكة المساجين 

أخذ صوت عبدالرحمن الأبنودى الألباب، وهو يسرد قصيدته الرائعة "ضحكة المساجين"، وتفاعل الحاضرون مع نبرات صوت الشاعر الكبير التى تنطلق من شاشة العرض على المنصة، وهو يلقى قصيدته المعبرة 

"الثورة نور وإللى طفاها خبيث، يرقص ما بين شهدا وبين محابيس، والدم لسه مغرق الميادين، الحزن طابع فى قلوبنا بجد، مافضلش غير الشوك فى شجر الورد، غلط الربيع ودخل فى أغبى كمين، وفى انتظار تيأس مع الأيام، غيرك فى قفصه بيضربوله سلام، وأنت الجزم قبل الكفوف جاهزين، 
ومصر عارفة وشايفة وبتصبر، لكنها فى خطفة زمن تعبر، وتسترد الاسم والعناوين".

واستمر التفاعل حتى انتهت القصيدة الجميلة، والتى أعقبها تصفيق كبير من المستمعين، مشيدين بالصدق فى القصيدة، وقدرة الأبنودى الكبيرة فى ترجمة مشاعر الوطن بشكل معبر وصادق.

وألقى الشاعر عبد الرحمن يوسف قصيدة شعرية انتقد فيها المجلس العسكرى وسياسته فى إدارة شئون البلاد، واستمرار الظلم الواقع على الشارع المصرى، والتى تلاها فقرة غنائية للمطربة عزة بلبع، حيث قدمت من خلالها تحية لشهداء ثورة 25 يناير وضحايا كنيسة القديسين وأحداث ماسبيرو.

صورة الشيخ عفت تتصدر مسيرة الكنيسة 

وانطلقت مسيرة تضم آلاف عدة آلاف من الأقباط حاملين الشموع من كنيسة قصر الدوبارة بشارع الشيخ ريحان، وحتى ميدان التحرير - للمشاركة فى تأبين الشهداء، تقدمها عدد من القساوسة والرهبان منهم القس سمعان راعى دير سمعان الخراغ بالمقطم، والقس بطرس بدير قس بنفس الدير، والقس أندراوس إسكندر بكنيسة العذراء مريم بدمنهور والراهب أندراوس بكنيسة العذراء مريم للسريان بغمرة والقس سامح موريس بالكنيسة الإنجيلية بقصر الدوبارة، مرددين بعض الترانيم الدينية، بالإضافة إلى دعوات المسلمين المشاركين فى المسيرة، فيما حمل الجميع الشموع والأعلام المصرية، وكانت اللفتة المعبرة عن قوة الرباط الوطنى، حمل المسيرة لصورة كبيرة للشيخ عماد عفت شهيد الأزهر فى أحداث الصدامات الأخيرة فى الشيخ ريحان، كما حملت مسيرة الشموع صورًا لشهداء مصر منذ انطلاق الثورة فى 25 يناير وحتى الوقت الحاضر.

بالونات "الشهداء" تحلق فى السماء 
وبعد وصول مسيرة الأقباط إلى التحرير، أطلقت آلاف البالونات التى تحمل صور الشهداء فى سماء التحرير، وسط أغانى وطنية رددها الحاضرون فى الميدان، والتأكيد على عدم نسيان دماء الشهداء، وكانت لحظات امتزجت فيها المشاعر الوطنية، بالحب بين الجميع ، والتآلف والتآخى بين أطياف الوطن.

الشموع تنير ظلام الفتنة.. أشعلوا الشموع وأطفأوا الفتنة 

وكانت لفتة حمل المسيرة القبطية للشموع، وتحركها من كنيسة الدوبارة حتى التحرير، فى غاية الروعة، وكانت كمن يطفئ نيران الفتنة الطائفية، ويشعل نور الحب بين المسلمين والأقباط، خاصة أنها جاءت عقب التوتر الذى حدث فى أسيوط، وما صاحبه من تجدد الانشقاق والخلاف الطائفى فى المحافظة، فكانت هذه المسيرة رسالة إلى الجميع بأن الفتنة الطائفية لا وجود لها، ولا محل لها من الإعراب.



عبدالعزيز يشارك لدعم تخلى الشعب عن "السلبية".
يأتى هذا فيما شارك العديد من الشخصيات العامة والنشطاء السياسيين بالاحتفال ومنهم المستشار زكريا عبد العزيز، رئيس نادى القضاة السابق، الذى أكد على أن مشاركته فى الاحتفالات جاءت من أجل التأكيد على عدم تخلى المتظاهرين عن دم شهداء الثورة، والتى كان أهم ثمارها تخلى الشعب المصرى عن سلبيته التى اعتاد عليها منذ ثورة 52، مدللاً على ذلك بوعى الشعب ونزوله فى الانتخابات الحالية، مؤكداً على ضرورة تسليم المجلس العسكرى السلطة لسلطة مدنية وعودة الجيش إلى ثكناته لمباشرة مهام عمله.

شاهين: الاحتفال رسالة إلى مثيرى الفتنة 

وأكد الشيخ مظهر شاهين إمام وخطيب مسجد عمر مكرم، أثناء مشاركته باحتفالية رأس السنة بميدان التحرير على أن تلك الاحتفالية فى حب مصر، دعا إليها بعض شباب الثورة، ونحن الآن نحضر هذه الاحتفالية لنرسل رسالة إلى الإخوة المسيحيين والشعب المصرى نهنئهم فيها بالعام الجديد وأعياد الميلاد المجيدة.

وأضاف شاهين، أنهم يوجهون رسالة إلى أعداء الوطن فى الداخل والخارج الذين يريدون أن يفرقوا بين أبناء الشعب بزرع الفتنة فيه، مشيراً إلى صلابة وصمود الشعب المصرى أوقات الشدائد، قائلاً: إن الشعب المصرى الذى وقف فى جميع ميادين مصر مسلمين ومسيحيين حافظ على وحدته أكثر من 1400 سنة، وسيبقى يداً واحدة ولن ينجرف وراء هذه الفتنة يوماً.

والدة خالد سعيد تحضر.. وعبدالفتاح يترك "ابنه" ليشارك فى الاحتفال 

كما حضرت الاحتفال والدة خالد سعيد، والتى أكدت على أن مشاركتها جاءت من أجل تقديم التهنئة للإخوة المسيحيين، حيث اعتادت تبادل التهنئة معهم فى كل عيد، لافتة إلى أنها ستشارك فى ذكرى ثورة 25 يناير متمنية استكمال باقى مطالب الثورة والقصاص لدم الشهداء، وتابعت أن الشباب الذى مات فى الأحداث الأخيرة مثل ابنها خالد هم معنا بأرواحهم فى كل مكان.

وأشارت والدة خالد إلى أنها مازالت حزينة على وفاة ابنها مما جعلها لا تشاهده فى المنام، فيما يأتى لأخواته البنات، ويقول لهم "قولوا لأمى إنها وحشتنى أوى"، وفور حضورها التف حولها المتظاهرون وقبلت الفتيات يدها.

ومن جانبه، أوضح الناشط علاء عبد الفتاح، إن الحنين للميدان دفعه للنزول والاحتفال وسط المتظاهرين بميدان التحرير ليلة رأس السنة وتقديم التهنئة للإخوة المسيحيين، قائلاً: "تركت الاحتفال مع أسرتى وابنى الصغير من أجل احتفالية اليوم"، متمنياً تحقيق بقية أهداف الثورة وعودة روح ثورة 25 يناير مرة أخرى للميدان، بالإضافة إلى رفع نفس شعارات الثورة وأولها إسقاط النظام كاملاً، لافتاً إلى أن إسقاط النظام كان أكبر بكثير من إسقاط المجلس العسكرى فقط.

دراج: لن نعيش بدون إخوتنا المسيحيين 

وفى سياق متصل، طالب الدكتور أحمد دراج عضو الجمعية الوطنية للتغيير المواطنين بأن يعوا أن الأمل فى مستقبل أبناء هذا الوطن، والذى لن يتحقق إلا إذا تمسكنا جميعاً بالأمل ومقاومة الفتن التى تعمل على تفرقة أبنائه.

كما وجه دراج حديثه للإخوة المسيحيين، واصفاً إياهم بالشركاء فى الوطن، قائلاً نحن معكم ولن نرضى أن نعيش بدونكم لأننا نمثل نسيجاً واحدًا لمصر، محذراً إياهم من ألاعيب السلطة التى تهدد استقرار البلاد، والتى تلاها برسالة إلى المجلس العسكرى، جاء مضمونها "عندما طالبت بتحمل المسئولية ظننا أنك جاد فى طلبك وأنك تحب هذا الوطن وتعمل لصالحه، ولكن الشهور الماضية أثبتت عكس ذلك، وأن الأيادى الخفية تتحرك تحت أنظاركم".

اليوم السابع

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Design Blog, Make Online Money