شريط الأخبار

السبت، 24 ديسمبر 2011

أحلام يقظة المجلس العسكرى


هل قرأتم هذا الخبر فى روزاليوسف: «فى مفاجأة مروعة كشف مصدر بالبيت الأبيض عن وجود 4 مجموعات تتكون كل مجموعة من 6 ضباط مدرَّبين ينتمون إلى دول أجنبية قاموا باغتيال 26 شابا مصريا سقطوا شهداء ضمن من سقطوا فى أحداث شارع محمد محمود وأحداث مجلس الشعب الأخيرة». الخبر جاء تحت عنوان (خطة «رقصة الموت»: فريق مدرَّب لقتل مجموعة من الثوار بتمويل أجنبى).
هذا الخبر خطير جدا، بتفاصيله التى لم أعد نشرها لضيق المساحة. هذا الخبر إما أن يكون حقيقيا فنتوجه بالسؤال إلى السفارة الأمريكية ونطالب بلادها بكشف الأسماء، وإما أن يكون ملفقا، وهذا ما أعتقده، فيُساءَل كاتبُه عن الجهة التى أعطته المعلومات حالا وفورا.
خطورته أن إحالة موضوع قتل النشطاء إلى جهات أجنبية بخبر (يدرك من لديه أدنى معرفة بالإعلام أنه خبر كاذب ملفَّق مرسَل) يعنى أن الجهة القاتلة تمهد الأجواء لمزيد من القتل. والجهة القاتلة هى نفس الجهة التى سربت للصحفى هذا الخبر.
المجلس العسكرى لم يكتشف أيا من القتلة حتى الآن. لكن المجلس نفسه روج مؤخرا فى غير روزاليوسف من الصحف الناطقة باسمه بأنه فى يوم ٢٥ من يناير، الذكرى الأولى للثورة التى قفز عليها وخنقها، سيترك العالم مشاغله وهمومه، والأزمة الاقتصادية الممتدة منذ خمس سنوات، ويفتح جبهة جديدة على مصر.
المجلس العسكرى قال إن المخططات ستستهدف تفجيرات واعتداءات على الجيش وتشمل حربا أهلية واستدعاء لقوات أجنبية. سيناريو فاشل لو كتبه طفل فى الصف السادس الابتدائى. وسيناريو يشيب الشعر حين يخرج من مسؤولين. لماذا؟ لأن وظيفة السلطة هى اكتشاف المخططات وإبطالها وحيازة الأدلة وتقديم المسؤولين عنها إلى المحاكمة، لا نشر الذعر. وظيفة السلطة أن تحفظ الأمن لكى يقوم الاقتصاد وتدور عجلة الإنتاج، لا أن تخيف المستثمرين وتطردهم. على فكرة، صحفى نبيه وجه هذا السؤال إلى رئيس الوزراء كامل الصلاحيات. سأله كيف تقول إنك تسعى إلى جذب الاستثمارات فى نفس الوقت الذى تروج فيه إلى أن هناك مخططات لتخريب البلاد؟ أى مستثمر يمكن أن يأتى إلى بلد يقول المسؤولون عنه إنها بصدد حرب أهلية؟ الجنزورى بكمال صلاحياته لم يرد على السؤال. مسؤولونا لا يحبون التفكير ولا التشجيع عليه. يريدون قوما يُستخَف بهم فيطيعون. تذكروا أن السلطة روجت سابقا لموضوع أن مصر توشك على الإفلاس. وهو خبر كفيل بإفلاس أى دولة حتى لو لم تكن ستفلس. لو أن رئيس أمريكا قال اليوم إن بلاده ستفلس قريبا لانهار الاقتصاد الأمريكى فورا.
المهم، إن لم يقدم المجلس العسكرى بيانات واضحة ومحددة بالأسماء عن هذا المخطط التخريبى، فأنا أعتقد أنه محض أحلام يقظة. وأحلام يقظة الإنسان هى أمانيه التى يسعى لتحقيقها. هناك ألف سؤال يمكنكِ أن توجهيه إلى المجلس، تبدأ من الأسئلة البسيطة عن أسماء الدول المتآمرة، لكننى أحب أن أسأله سؤالا آخر: ما التهديد الذى تمثله مصر للدول الكبرى؟ ما الخطط الاستراتيجية لتلك الدول التى وقفت مصر ضدها وسوف تعاقبها الدول الكبرى على موقفها ذاك؟
لقد شاركت مصر عسكريا وسياسيا فى حرب تحرير الكويت إلى جانب الدول الكبرى عام ١٩٩٠، وشاركت فى حصاره طوال الاثنتى عشرة سنة التالية، ولم تفعل ما يعيق غزو العراق عام ٢٠٠٣، ولا كان موقفها معاديا لإسرائيل فى حرب ٢٠٠٦، وبنت الجدار العازل بيننا وبين غزة استجابة لتفاهمات مع إسرائيل والولايات المتحدة، وصدّرت الغاز لإسرائيل بأرخص الأسعار. وبناء على مواقفها لا تزال تتلقى من الولايات المتحدة مساعدات عسكرية هى الثانية فى العالم بعد إسرائيل. أنا هنا لا أناقش مدى صواب تلك السياسات، إنما أناقش شيئا آخر. إن كنا لا نمثل أى تهديد لأمريكا صاحبة المصلحة الأولى واليد الطولى فى المنطقة، فلمن التهديد؟ ومن أين يأتى الغضب علينا؟ ثم إن السياسات المشار إليها أعلاه حدثت كلها خلال الثلاثين عاما الماضية، وخلال فترة قيادة المشير حسين طنطاوى وزارة الدفاع، ومرت كلها، بالتأكيد، بموافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وبعضها بقرار من المجلس العسكرى الحالى نفسه. إن كان المجلس العسكرى كما هو، والمصالح كما هى، فما الذى تغير؟ الشىء الوحيد الذى تغير هو الثورة. يقودنا هذا إلى افتراض أن المخرِّب من تلك القوى العظمى إنما تفعل ذلك للقضاء على الثورة وإعادة الأمور كما كانت. و«الأمور كما كانت» يعنى أن تبقى قرارات مصر الاستراتيجية بيد المجلس العسكرى. أى أن المخططات التخريبية سترمى إلى تأكيد سلطة المجلس العسكرى.
بذمتكم مش وجهة نظر؟! على المجلس العسكرى أن يرتاح إذن، ويكف عن أحلام اليقظة.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Design Blog, Make Online Money