شريط الأخبار

الخميس، 5 يناير 2012

حرب إسرائيل ضد الإسلاميين


لم يكتف رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو بالتحذير من مخاطر وصول الإسلاميين إلي الحكم‏
‏ بل انه حاول إعطاء الانطباع بأنه حريص علي بروز تيار منافس لهم فدعا لتأسيس صندوق دولي لدعم خصوم الاسلاميين في العالم العربي مشبها ذلك بخطة مارشال التي نفذتها الولايات المتحدة في أعقاب الحرب العالمية الثانية لدعم أوروبا الغربية‏.‏ وقد أرسل نتانياهو عيران ليرمان مساعد مستشاره للأمن القومي إلي الولايات المتحدة لبحث هذا المقترح مع قادة الكونجرس الأمريكي وهو ما أكده إيلي برند شتاين بصحيفة معاريف الاسرائيلية وفي سعيها لشيطنة ثورات التحول الديمقراطي في العالم العربي وتأليب العالم عليها‏,‏ اقتفت النخب الاسرائيلية أثر نتانياهو‏,‏ وحرصت علي استدعاء متلازمت إيران وحركة حماس والايحاء بأن العالم بات علي موعد مع تكرار هاتين التجربتين‏.‏ هذا ما أكدته الدراسة الصادرة عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات التي جاءت تحت عنوان اسرائيل وفزاعة الاسلاميين في أعقاب الثورات العربية للباحث صالح النعامي‏.‏
وحذر يوسي بيلين الرئيس السابق لحركة ميرتس اليسارية الذي تولي منصب وزير العدل في حكومة إيهود باراك‏(1999‏ ـ‏2001)‏ مما وصفه بأسلمة العالم من خلال نقل مقاليد الأمور للإسلاميين في أعقاب الثورات العربية يمثل عملا غير مسئول مدعيا ان الرئيس الامريكي باراك أوباما عاد إلي الخطأ نفسه الذي وقع فيه الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر الذي تخلي عن الشاه‏,‏ مما أدي في النهاية ليس فقط لسقوط الحكم الامبراطوري في ايران ولكن أيضا إلي تغيير جذري في المنطقة بأسرها‏.‏
وزعم إيتان هابر الصحفي بصحيفة يديعوت احرونوت ان الثورة في مصر تحديدا تشكل نقطة تحول فارقة نحو القطيعة بين مصر والعلمانية والغرب‏.‏
متوقعا ان يسهم ذلك في القضاء علي أجواء السلام والمصالحة مع اسرائيل‏,‏ في حين اعتبر إلياكيم هتسني‏,‏ أحد قادة المستوطنين في الضفة الغربية ان وصول الاسلاميين الحتمي للحكم بفضل الثورات العربية يشكل دعما كبيرا لحكم حركة حماس مما يمثل تهديدا استراتيجيا لإسرائيل‏,‏ معتبرا ان وصول الاسلاميين المتوقع للحكم في مصر يعني تقليص قدرة تل أبيب علي العمل ضد الحركة‏.‏
الديكتاتوريات والإسلاميون
هناك الكثير من المؤشرات الواضحة التي تدل علي أن حرص اسرائيل علي إثارة الفزع من الثورات العربية عبر التحذير من صعود الإسلاميين‏,‏ يأتي تعبيرا عن المرارة من خسارة اسرائيل مزايا الأنظمة الديكتاتورية التي كانت ترتبط بها في العالم العربي‏.‏
وكان جابي أشكنازي رئيس هيئة أركان الجيش الاسرائيلي السابق أكثر المسئولين الاسرائيليين وضوحا في التعبير عن ارتباط المصالح الاسرائيلية بالأنظمة الديكتاتورية عندما قال في كل مايتعلق بالشرق الأوسط‏,‏ فإن الاستقرار بالنسبة لاسرائيل أفضل من الديمقراطية‏!‏
ومن المهم ان نتذكر العبارة الشهيرة التي صدرت بشكل عفوي عن بنيامين بن إليعازر وزير البنية التحتية الاسرائيلي السابق عندما وصف الرئيس السابق حسني مبارك بأنه كان كنزا استراتيجيا لإسرائيل‏.‏
فمن الواضح ان تل أبيب لا تتوقع ان يخلف مبارك في حكم مصر سياسي يتفوق عليه في مراعاة مصالح اسرائيل‏,‏ وبالتالي كان التحذير من تداعيات وصول الاسلاميين إلي الحكم‏.‏ ويؤكد رئيس تحرير صحيفة هآرتس الاسرائيلية ألوف بن إن مصر في عهد مبارك كانت بمثابة حارس لاسرائيل مشيرا إلي أن تل أبيب وجدت مصلحتها في استقرار الانظمة الاستبدادية في الدول العربية المجاورة‏.‏
ضريبة كلامية
ونقلت الدراسة عن يوسي بيلين ان الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة كانت دوما تفضل الانظمة الديكتاتورية علي اعتبار ان هذه الانظمة تكون في العادة برجماتية وتكتفي بدفع ضريبة كلامية في دعمها للفلسطينيين‏,‏ لكنها في الخفاء لا تتردد في إقامة تحالفات مع اسرائيل عكس الانظمة الديمقراطية التي تخضع للرقابة وتكون مطالبة بأتخاذ قراراتها علي أساس شفاف ويستدل بيلين علي ما يقول بما تضمنته وثائق وويكيليكس التي أظهرت بشكل واضح أن الأنظمة العربية كانت معنية بمواجهة ايران وبرنامجها النووي أكثر مما هي معنية بمواجهة اسرائيل‏,‏ وأنها لا تلقي في الواقع بالا لمعاناة الفلسطينيين ولا تهتم بحل القضية الفلسطينية‏.‏
ويعني استقرار المنطقة بالنسبة لاسرائيل ان تواصل تل أبيب التملص من استحقاقات أي تسوية سياسية للصراع حتي في حدودها الدنيا بالنسبة للعرب والفلسطينيين فهي تعي ان كل ما يعني أنظمة الاستبداد في العالم العربي هو بقاؤها فقط في السلطة‏,‏ وبالتالي فهي لن تبادر إلي تغيير أنماط العلاقة القائمة مع اسرائيل لأن حكوماتها ترفض الوفاء بمتطلبات تسوية الصراع العربي ـ الاسرائيلي‏.‏
ويري الصحفي والكاتب الاسرائيلي جدعون ليفي أن اسرائيل واصلت لعقود ـ بفضل مفهمومها للاستقرار المزعوم ـ حرمان الفلسطينيين الذين يعيشون تحت وطأة الاحتلال الاسرائيلي من حقوقهم السياسية‏,‏ وحرمان اللاجئين الفلسطينيين من حق العودة‏.‏
وبشكل موسع يقول ان الاستقرار الذي تشتهية اسرائيل تواصله يشمل الإبقاء علي عشرات الملايين من الفقراء في مصر‏,‏ في حين تواصل عائلة الرئيس المخلوع مبارك التمتع بثروات قوامها مليارات الدولارات‏,‏ الاستقرار يعني تضخم أجهزة الأمن التي كل ما يعنيها الحفاظ علي أنظمة الحكم وذلك علي حساب الميزانية التي كان من المفترض ان تخصص للصحة والتربية والتعليم والرفاهية الاجتماعية‏.‏
اسرائيل معنية بالاستقرار وفقا للصحفي الاسرائيلي ـ ولو كان عبر استمرار الحروب الأهلية في العالم العربي أو في ظل تعاظم مظاهر الفساد‏.‏
اليمين الاسرائيلي
علي الرغم من أن النخب الاسرائيلية سواء المنتمية لليسار أو اليمين قد شككت في طابع الثورات العربية وتداعياتها‏,‏ إلا ان اليمين الاسرائيلي حرص علي توظيف الثورات العربية لإضفاء شرعية علي مواقفه الايديولوجية من الصراع مع العرب‏,‏ والتي تقوم علي رفض أي تسوية سياسية تستند إلي مبدأ الأنسحاب من الأراضي العربية المحتلة وذلك بطرح الأكاذيب التالية‏:‏ إن كانت الحركات الاسلامية هي التي ستتولي مقاليد الأمور في العالم العربي‏,‏ فلماذا علي
اسرائيل ان تنسحب من أراض تشكل ذخرا استراتيجيا لها‏,‏ ويحاولون دعم تلك الأكاذيب من خلال القول بأن الحركات الاسلامية في حالة وصولها إلي الحكم سوف تجد نفسها في حل من أي اتفاقيات وقعت عليها الحكومات السابقة مما يوقع اسرائيل تحت وطأة تهديد وجودي في حالة نشوب حرب بينها وبين أي أطراف عربية فالحساسية التي يبديها اليمين الاسرائيلي تجاه الثورات العربية مرتبطة بشكل أساسي بقلقه علي تماسك تصوره الأيديولوجي للصراع مع العرب في أعقاب تفجر الثورات العربية وخوفه من تقلص حجم التأييد الشعبي له‏,‏ ولذا يحاول اليمين جاهزا التدليل علي أن اندلاع الثورات العربية يشكل دليلا علي صحة موقفه من الصراع وذلك عبر محاولة بث الفزع من تمكن الاسلاميين من السيطرة علي مقاليد الأمور في أعقاب اندلاع هذه الثورات‏.‏
التحول الديمقراطي
فطنت اسرائيل منذ زمن بعيد إلي حقيقة أن أي نهضة عربية شاملة تمثل منطلقا لتغيير موازين القوي القائمة حاليا والتي تميل لصالح تل ابيب‏,‏ وترتبط أساسا بحدوث تحول ديمقراطي حقيقي في العالم العربي بما يفضي لولادة أنظمة سياسية تتبني مشاريع نهضوية حقيقية‏.‏
لقد أدركت اسرائيل ان حدوث التحولات الديمقراطية في العالم العربي يتوقف بشكل أساسي علي وجود طبقة وسطي عريضة ومؤثرة‏,‏ لذا سعت تل ابيب إلي ان تسهم سياساتها تجاه العالم العربي بشكل غير مباشر في إضعاف هذه الطبقة‏.‏
وكل ما يثير فزع الاسرائيليين استيقاظ الطبقة الوسطي من سباتها العميق ودورها الحاسم في إنجاح ثورتي مصر وتونس‏.‏
وتحاول تل أبيب في اعقاب الثورات التهوين من دور الصراع العربي ـ الاسرائيلي في التأثير علي استقرار المنطقة عبر الزعم ان اندلاع الثورات العربية يدل علي ان حالة عدم الاستقرار في المنطقة مرتبطة اساسا بالاوضاع الداخلية في العالم العربي وانه سواء تمت التسوية للصراع العربي الاسرائيلي أو لم تتم فإن هذا لن يضمن الاستقرار في المنطقة
كما سعت اسرائيل للتشكيك في مدي التزام الادارة الامريكية بأمن اسرائيل لأنها لم تتحرك لانقاذ حكم مبارك علي اعتبار ان إسقاط نظام مبارك وما يستتبعه من مشاركة الاسلاميين في الانتخابات يعني تهديد اتفاقية السلام مع مصر التي تعتبر حيوية لأمن اسرائيل‏,‏ وعبر عن ذلك بشكل واضح دوف فايسجلاف مدير ديوان رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق ارييل شارون الذي قال ان مشاركة الحركات الاسلامية في العملية السياسية في العالم العربي في مرحلة ما بعد الثورات بعد مصيبة لاسرائيل تتحمل إدارة أوباما جزءا كبيرا منها نظرا لعدم دعمها للرئيس المخلوع حسني مبارك علي حد قوله وقد شن شاؤول روزنفليد أستاذ الفلسفة في الجامعة العبرية هجوما حادا علي كل من مستشار الرئيس الأمريكي باراك اوباما لشئون الارهاب جون برنن وجيمس كلافر مدير الأستخبارات الوطنية في الولايات المتحدة لأن الأول قال في محاضرة إن مصطلح الجهاد يعي شن نضال مقدس يتمكن المرء من خلاله من تخليص نفسه من الذنوب وأنه لا يوجد أي رابط بين الاسلام وقتل الابرياء‏,‏ بينما قدم الثاني إفادة أمام الكونجرس اعتبر فيها أن جماعة الإخوان المسلمين لا تتبني العنف وأنها تهتم بشكل أساسي بالشئون الاجتماعية وتععني بالإصلاحات السياسية‏.‏

الأهرام المسائي

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Design Blog, Make Online Money